ترمب وحرب غزة ولبنان- هل ينجح حيث فشل بايدن؟

المؤلف: حمود أبو طالب11.08.2025
ترمب وحرب غزة ولبنان- هل ينجح حيث فشل بايدن؟

يراقب المحللون بترقب بالغ ما إذا كانت إدارة الرئيس الحالي، جو بايدن، قادرة على تحقيق انفراجة حقيقية في أزمة حرب غزة ولبنان خلال الفترة المتبقية من ولايته، والتي تُعرف تقليديًا بـ "فترة البطة العرجاء"، وهي الفترة التي تتسم بتباطؤ وتيرة العمل الحكومي وتجنب اتخاذ قرارات مصيرية. لقد سبق لبعض الرؤساء الأمريكيين أن اتخذوا خطوات جريئة في السياسة الخارجية والداخلية خلال هذه الفترة، قرارات أصبحت علامات فارقة مرتبطة بأسمائهم في سجل التاريخ. إلا أن هذا السيناريو يبدو مستبعدًا مع بايدن وإدارته، اللذين أخفقا في التعامل بكفاءة وحزم وعدالة وإنسانية مع فاجعة غزة على مدار عام كامل، وذلك قبل حتى أن تهب رياح الانتخابات العاصفة. والآن، تبدو الآمال أبعد منالًا في ظل الوضع المتأزم الذي يعيشونه عقب الهزيمة الساحقة التي ألحقها بهم الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، والتي أفقدتهم ما تبقى من اتزانهم وقدرتهم على التركيز. فها نحن أمام رئيس مرهق يتوق إلى يوم مغادرته، ونائبة رئيس تعيش في الظل منذ البداية، وسوف تتوارى عن الأنظار تمامًا بعد أن طحنتها نتائج الانتخابات.

يبدو إذًا أن هذا الملف الشائك سيؤول إلى الرئيس ترامب، الذي صرح خلال حملته الانتخابية بعزمه على وضع حد للحرب، وكرر هذا التأكيد بعد فوزه، وهو ما أكده أيضًا حشد من مستشاريه المقربين وبعض الشخصيات المرشحة للانضمام إلى فريقه. من الناحية الإجرائية، لا يمكنه اتخاذ قرارات رسمية قبل دخوله البيت الأبيض في العشرين من يناير القادم، لكنه يستطيع صياغة رؤيته وخطته للحلول، والشروع في إجراء الاتصالات وإقامة التفاهمات مع الأطراف المعنية، كما فعل على سبيل المثال مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي في مكالمة هاتفية قبل أيام. وهنا يثور التساؤل: كيف ستكون مقاربة ترامب لمعالجة كارثة غزة، والتعاطي مع القضية الفلسطينية برمتها، في ظل التعقيدات والتشابكات المتزايدة التي طرأت عليها؟ قد يساور البعض التشاؤم بسبب قرار ترامب في ولايته السابقة بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، بالإضافة إلى إشارته العابرة خلال حملته الانتخابية إلى عدم رضاه عن "مساحة إسرائيل الصغيرة"، وهو ما لا يمكن اعتباره زلة لسان من مرشح رئاسي يُحسب عليه كل ما يقوله. صحيح أن كثيرًا من الأمور تُقال في خضم الحملات الانتخابية ولا تتحقق بالضرورة بعد دخول الشخص البيت الأبيض، لكن هذا التصريح يظل مثيرًا للقلق البالغ، خاصة في هذا التوقيت الذي تتوسع فيه إسرائيل في نطاق حربها بدخولها جنوب لبنان وبعض المناطق السورية المتاخمة.

الرئيس المنتخب ترامب يشدد على أنه سيعمل جاهدًا على إنهاء الحرب وتحقيق السلام، لكن هذه المهمة ستكون عسيرة في ظل حكومة نتنياهو التي تصر على مواصلة القتال، على الرغم من أنها محت بالفعل كل مظاهر الحياة من قطاع غزة، وتقوم الآن بتدمير قرى بأكملها في جنوب لبنان، حيث يقصف طيرانها الحربي جميع المناطق، وكل ذلك بحجة تعطيل القدرات العسكرية لحماس وحزب الله والقضاء على عناصرهما، إلا أن هذا القصف العشوائي والتدمير الممنهج قد أوقع ملايين النازحين المشردين ومئات الآلاف من الضحايا المدنيين.

إذا كان ترامب يرغب حقًا في تقديم نفسه كرجل سلام وإنهاء للحروب، فعليه أولًا أن يمارس ضغوطًا على إسرائيل لوقف الحرب، وإذا تحقق ذلك، وهو قادر عليه إذا أراد، فسوف يمهد الطريق للتعامل مع بقية التفاصيل. إن حديثنا هنا يقتصر على غزة ولبنان فقط، لأنهما الجرح النازف الساخن المفتوح حاليًا، أما الملف المزمن للقضية الفلسطينية بكاملها، فله حديث آخر.

تهانينا فخامة الرئيس دونالد ترامب، ومثلما حفرت اسمك في سجل التاريخ بفوز غير مسبوق، نأمل أن تسجله أيضًا بتحقيق سلام لم يتحقق من قبل، وإنهاء مأساة تلطخ جبين الإنسانية.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة